الاحتباس الحراري
الاحتباس الحراري وعلاقته بالكوارث الطبيعية
يشهد العالم في السنوات الأخيرة تغير مناخي كبير سببه الاحتباس الحراري حيث ترتبط العديد من الكوارث الطبيعية مباشرة مع تغير المناخ بما فيها الفيضانات والأعاصير وموجات الحر والجفاف وحرائق الغابات والعواصف.. وقد أودت مثل هذه الكوارث بحياة أكثر من 600,000 كائن حي في العقدين الماضيين. تكرر وحجم هذه الكوارث في تزايد مع مرور الوقت وبدون استقرار حتى مع وجود خطط للحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتوقيع على اتفاقية التغير المناخي في باريس.
فما هو الاحتباس الحراري؟
يطلق مصطلح الاحتباس الحراري أو تأثير البيت الزجاجي (The Greenhouse Effect) في لغتنا اليومية الشائعة على ظاهرة ارتفاع درجات حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي.
أما مفهوم أو تعريف الاحتباس الحراري علمياً، فهو عملية طبيعية تسخن سطح الأرض. فعندما تصل طاقة الشمس إلى الغلاف الجوي للأرض، ينعكس الثلث إلى الفضاء ويتم امتصاص ثلثي الأشعة وإعادة إشعاعها بواسطة الغازات الدفيئة أو ما يسمى غازات الاحتباس الحراري.
وتشمل غازات الاحتباس الحراري بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والأوزون وبعض المواد الكيميائية الاصطناعية مثل مركبات الكربون الكلورية فلورية (CFCs).
المشكلة التي نواجهها الآن هي أن الأنشطة البشرية لا سيما حرق الوقود تزيد من تركيز غازات الاحتباس الحراري، مما يزيد من تأثير الاحتباس الحراري (ُEnhanced Greenhouse Effect) فترتفع درجة حرارة سطح الأرض عن معدلاتها الطبيعية، وهذا ما يسمى ظاهرة الاحترار العالمي (Global Warming) أو التغير المناخي (Climate Change).
كيف يحدث الاحتباس الحراري؟
إليكم خطوات عملية الاحتباس الحراري:
- يصل الإشعاع الشمسي إلى الغلاف الجوي للأرض، فينعكس بعضه في الفضاء، وتمتص الأرض والمحيطات ما تبقى منه، مما يؤدي إلى تسخين الأرض.
- تشع الحرارة من الأرض نحو الفضاء.
- يتم حصر بعض هذه الحرارة بواسطة الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري) في الغلاف الجوي، مما يحافظ على الأرض دافئة بما فيه الكفاية للحفاظ على الحياة.
- تؤدي الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود والعمليات الصناعية إلى زيادة كمية الغازات الدفيئة التي تطلق في الغلاف الجوي.
- ازدياد الغازات الدفيئة يؤدي إلى زيادة حبس الحرارة، مما يسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض.
ما هو التغير المناخي؟
إن مناخ كوكبنا يتغير على مدار الزمن الجيولوجي مع حصول تقلبات ملحوظة في درجات الحرارة الوسطية, ورغم ذلك، ترتفع درجة الحرارة في هذه الفترة بسرعة أكبر من أي أوقات ماضية. البشرية أصبحت هي المسؤولة عن معظم ارتفاع درجات الحرارة في القرن الماضي بتسببها في إطلاق غازات تحبس الحرارة وهي التي يشار إليها في العادة بغازات الدفيئة أو الاحتباس الحراري لإمداد حياتنا الحديثة بالطاقة, ونحن نقوم بذلك من خلال حرق الوقود الأحفوري، وغير ذلك من النشاطات التي تدفع لحدوث التغير المناخي. إن غازات الدفيئة هي في أعلى مستوياتها من أي وقت مضى على مدار الأعوام الـ 800000 الأخيرة. ويعتبر الارتفاع السريع لدرجة الحرارة هذا مشكلة لأنه يغير مناخنا بمعدلٍ سريعٍ جدا بالنسبة للكائنات الحية تعجز عن التكيف معه, إن التغير المناخي لا يتعلق فقط بدرجات الحرارة المرتفعة، بل يشمل أيضًا أحداث الطقس الشديدة، وارتفاع مستويات البحار، وتغير تعداد كائنات الحياة البرية، ومواطن الحيوان والنبات الطبيعية، وكثيرا من التأثيرات الأخرى.
ما الذي يخلفه تغير المناخ بسبب الاحتباس الحراري؟
مستويات قياسية لثاني أكسيد الكربون
قام العلماء بقياس ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أكثر مما كان عليه الحال منذ 800 ألف عام، أي قبل أن يتطور جنسنا البشري. في مايو/أيار 2019، وصلت مستويات غازات الدفيئة إلى 415 جزءاً في المليون، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، بينما كانت خلال العصر الجليدي 200 جزء بالمليون.
ووفقاً لناسا، فإن ازدياد نسبة ثاني أكسيد الكربون جاء بسبب استخدام البشر للوقود بشكل كبير.
اختفاء سريع للجليد الدائم في القطب الشمالي
بدأت هذا العام في القطب الشمالي، في قسم كندا، ذوبان طبقات الجليد الدائمة، وكشفت صور الأقمار الصناعية الذوبان السريع الحاصل في الأنهار هناك ويعتقد الباحثون أن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وانخفاض مستويات الغطاء النباتي العازل، ووجود جليد أرضي بالقرب من السطح، أسهم في الذوبان الجليدي السريع.
الأعاصير
وقد تجلى غضب الطبيعة بأعتى صوره عام 2012 عبر إعصار عنيف أطلق عليه “ساندي” اجتاح السواحل الشرقية للولايات المتحدة، وخلف 109 قتلى على الأقل من بينهم أربعون في مدينة نيويورك وحدها، في حين بقي عشرات آخرون في عداد المفقودين وكان الإعصار ساندي قد خلف قبل وصوله السواحل الأميركية 69 قتيلا في منطقة البحر الكاريبي من بينهم 54 في هايتي و11 في كوبا.
وفي آسيا تسبب إعصار “بوفا” -الذي ضرب المناطق الجنوبية من الفلبين- بسقوط أكثر من ألف قتيل غالبيتهم في جزيرة مينداناو، كما تسبب في تشريد مئات الآلاف من السكان، وإلحاق دمار هائل بالمباني والبنى التحتية في المناطق التي ضربها.
الزلازل
سلسلة من الزلازل العنيفة كان أولها زلزال بقوة سبع درجات على مقياس ريختر ضرب مناطق واسعة من شرقي وشمالي شرقي اليابان في اليوم الأول منه
إيطاليا لم تسلم هي الأخرى من الزلازل حيث تعرض الجزء الشرقي الشمالي منها في مايو / أيار لعدد منها بلغ شدة أعنفها 5.8 درجات بمقياس ريختر، وتسببت بمجملها بمقتل 22 شخصا وسقوط عشرات الجرحى.
أما الفلبين فتعرضت أيضا لزلزال بقوة 6.9 درجات بمقياس ريختر أدى إلى حدوث انهيارات أرضية وانهيار بعض المنازل، وأسفر عن مقتل 43 شخصا على الأقل وعشرات المفقودين بين الأنقاض والرواسب الطينية.
الصين كانت بدورها مسرحا لزلزالين عنيفين ضربا الأجزاء الجنوبية الغربية منها وخلفا ثمانين قتيلا ومئات الجرحى، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من منازلهم بعد أن لحقت بها أضرار جسيمة.
كما ضرب زلزالان قويان منطقة تبريز شمالي غربي إيران، وتسببا بسقوط ثلاثمائة قتيل وأكثر من ألفي مصاب.
فيضانات وثلوج
ومن الكوارث الأخرى التي شهدها عام 2012 الفيضانات التي اجتاحت عدة دول وخلفت مئات القتلى والجرحى. ففي روسيا اجتاحت فيضانات ناجمة عن سيول غزيرة منطقة كراسن ودار جنوب غربي البلاد وأدت إلى مصرع 134 شخصا وإغراق آلاف المنازل، كما قتل 88 شخصا وشرد عشرات الآلاف من الكوريين الشماليين جراء فيضانات عارمة اجتاحت البلاد.
وفي الهند قتل أكثر من 120 شخصا ونزح ستة ملايين من منازلهم بسبب الفيضانات الناتجة عن الأمطار الموسمية التي اجتاحت مناطق عدة في الهند.
وضربت الجزائر موجة برد شديدة تساقطت جراءها الثلوج بكثافة مما أدى إلى مصرع 44 شخصا وإجبار السلطات على إلغاء رحلات جوية داخلية ودولية، كما اتخذت السلطات في أوروبا إجراءات مماثلة بعد أن حصدت موجة من البرد القارس أرواح المئات.
حرائق
غابات الأمازون رئة الأرض منذ منتصف 2019، تعرضت لحوالي 9000 حريق هائج انتشر عبر مساحات شاسعة من الغابات في بوليفيا وباراغواي وبيرو.. ووفقاً للمعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء (INPE) بلغت شدة هذه الحرائق إلى درجة أنه كان من السهل التقاط صور لها من الفضاء الخارجي.
وفي الولايات المتحدة خلفت حرائق الغابات في كولورادو قتيلا واحدا على الأقل ودمر 346 منزلا, واضطر 35 ألف شخص إلى النزوح عن ديارهم.
كما نشبت حرائق في غابات بالولايات الغربية وأسفرت عن تدمير عشرات المنازل وأتت على مساحة تقدر بآلاف الأفدنة. وفي إسبانيا فر آلاف الأشخاص من حرائق الغابات في جزر الكناري.
ما هو الحل إذا؟؟
- التوقف عن الحروب والصناعات العسكرية وسباق التسلح البيولوجي والكيمياوي لان هذه الصناعات مصدر من مصادر انبعاث ثاني أكسيد الكربون
- الحد من ظاهرة الزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية, والحفاظ على هذه الأراضي والعناية بها والعمل على زيادة مساحتها لا نقصانها
- الاهتمام بزرع الأشجار والغطاء النباتي في مناطق مختلفة من العالم لان زيادة المساحات الخضراء المزروعة هذا يعوض ما حدث للغابات من حرائق وتدمير بالكامل
- التقليل من استخدام وسائل المواصلات التي تزيد من تلوث البيئة وكذلك اصلاح التالف منها الذي بدوره يزيد من انبعاث الغازات السامة
- التخلص من الطاقة غير المتجددة وزيادة اعتماد الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الكهرومائية لأنها تلوث الهواء وبالتالي تقلل من زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون وبالتالي التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري
كان هذا ما يجب العمل عليه لضمان سنوات قادمة دون احتباس حراري الذي بات يهدد الحياة على كوكب الأرض..